شبهات وردود - السيد سامي البدري - ج ٢ - الصفحة ١٠٦
ازهد عندي من عفطة عنز " (1).
(1) الخطبة: 3. وهذه الخطبة هي المعروفة با الشقشقية وقد ذكروا في سبب تسميتها بذلك انه (عليه السلام) لما بلغ كلامه إلى الموضع الانف الذكر قام اليه رجل من أهل السواد فناوله كتابا فاقبل ينظر فيه فلما فرغ من قراءته قال له ابن عباس (رضي الله عنه) يا أمير المؤمنين لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت فقال هيهات يا بن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت.
قال ابن عباس فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام الا يكون أمير المؤمنين بلغ منه حيث أراد.
قال ابن أبي الحديد حدثني شيخي أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي في سنة ثلاث وستمائة، قال: قرأت على الشيخ أبي محمد عبد الله بن احمد المعروف يا بن الخشاب هذه الخطبة، فلما انتهيت إلى هذا الموضع، قال لي: لو سمعت ابن عباس يقول هذا لقلت له: وهل بقي في نفس ابن عمك امر لم يبلغه في هذه الخطبة لتتأسف الا يكون بلغ كلامه ما أراد والله ما رجع عن الأولين ولاعن الآخرين، ولا بقي في نفسه أحد لم يذكره الا رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال مصدق: وكان ابن الخشاب صاحب دعابة وهزل. قال: فقلت له: أتقول انها منحولة! فقال: لا والله، واني لأعلم انها كلامه، كما اعلم انك مصدق. قال:
فقلت له: ان كثيرا من الناس يقولون انها من كلام الرضي رحمه الله تعالى فقال انى للرضي ولغير الرضي هذا النفس وهذا الأسلوب! قد وقفنا على رسائل الرضي، وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنثور، وما يقع مع هذا الكلام في خل ولا خمر. ثم قال: والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل ان يخلق الرضي بمائتي سنة، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها، واعرف خطوط من هو من العلماء وأهل الأدب قبل ان يخلق النقيب أبو احمد والد الرضي.
قال ابن أبي الحديد: وقد وجدت انا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي امام البغداديين من المعتزلة، وكان في دولة المقتدر قبل ان يخلق الرضي بمدة طويلة. ووجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبي جعفر بن قبة أحد متكلمي الامامية وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب (الانصاف) وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي رحمه الله تعالى، ومات في ذلك العصر قبل ان يكون الرضي رحمه الله تعالى موجودا. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1: 203 - 206.