مخلوقات الله تعالى وآياته في الآفاق وفي الأنفس بغية الوصول إلى معرفة أنه هو الاله الخالق المعبود وحده، يشير الإمام الحسين (ع) في دعائه المعروف بدعاء يوم عرفة بما يوضح المقصود من ذلك سلوكا وغاية، يقول عليه السلام: الهي علمت باختلاف الآثار وتنقلات الأطوار، أن مرادك مني أن تتعرف إلي في كل شئ حتى لا أجهلك في شئ.
والآية الكريمة - كما يظهر من آخرها - أنها بعد أن ترشد الانسان وتنبهه إلى النظر في المخلوق لمعرفة الخالق، تنعى على الانسان أن لم يلتفت إلى طريق آخر هو الذي ينبغي ان يسلك في الوصول إلى معرفة الله تعالى، وذلك بقوله تعالى: (أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد).
وهو أن يرجع الانسان إلى فطرته التي فطره الله عليها، والى وجدانه، فسيرى - وبلا شك - ان الله امام عينيه، وله من التجلي والظهور ما ليس هو بمتحقق في سواه من العالم الذي يعيش فيه هذا الانسان ويعايش ما فيه من حوادث وآثار، فلا ينبغي له ان يقتصر في استدلاله على اتخاذ الظاهر دليلا على الأظهر، والجلي دليلا على الأجلى، وانما العكس هو الأصوب.
والى هذا يشير الإمام الحسين (ع) في الدعاء نفسه، يقول: كيف يستدل بما هو في وجوده مفتقر إليك؟!.. أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك؟ ب.. متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟!!.. ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟!.
عميت عين لا تراك عليها رقيبا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا.
إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار، فأرجعني إليك بكسوة الأنوار، وهداية الاستبصار، حتى أرجع إليك منها، كما دخلت إليك منها، مصون السر عن النظر إليها، ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها، انك على كل شئ قدير.
وكذلك الآية التالية (ان في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار