خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٣٠٨
القيظ ودعا عليا إلى يمينه، وخطب فقال: لقد دعيت إلى ربي واني مغادركم من هذه الدنيا واني تارك فيكم الثقلين:
كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ثم أخذ بيد علي ورفعها وقال يا أيها الناس ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار، فقال عمر: بخ بخ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ثم عاد الرسول إلى خيمته ونصب لعلي أخرى بجانبها، وأمر المسلمين أن يبايعوه بالإمامة، وسلموا له بإمرة المؤمنين جميعا رجالا ونساء (1).
هذا هو حديث غدير خم الذي اعتقده الشيعة سندا صريحا لهم في القول بامامة علي، وقد اعترف أهل السنة جزئيا بصحة هذا الحديث وأولوه بان المقصود من (الولاية) هنا الولاية الروحية، بل إننا نرى الحسن البصري إمام التابعين - يعلن أن عليا رباني هذه الأمة.
أما السلف من الحنابلة المتقدمين فقد أولوا الموالاة بعدم الكراهية، وانكر السلف المتأخرون الحديث إنكارا تاما.
ومن العجب أن السلف الذين يكرهون التأويل وينكرونه، يؤلون هنا (3).
ومن الواضح أن هذا التأويل كان بتأثير عوامل سياسية، لان الاعتراف بان ظاهر الحديث يدل على الإمامة الإلهية لازمه إلزام من لا يعتقد بمؤداه بالمخالفة الشرعية.
يقول أبو القاسم البجلي المعتزلي: لو نازع علي عقيب وفاة رسول الله (ص) وسل سيفه لحكمنا بهلاك كل من خالفه وتقدم عليه، كما حكمنا بهلاك من نازعه حين أظهر نفسه، ولكنه مالك الأمر وصاحب الخلافة، إذا طلبها وجب علينا القول بتفسيق من ينازعه فيها، وإذا أمسك عنها وجب علينا القول بعدالة من اغضى له عليها، وحكمه في ذلك حكم رسول الله (ص)، لأنه قد ثبت عنه في الأخبار الصحيحة أنه

(1) نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام 2 / 27 - 28 نقلا عن منهاج السنة لابن تيمية 4 / 81 وحياة القلوب للمجلسي 339.
(2) م. ن.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»