تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ٢ - الصفحة ٩
يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) (١): الشفاعة بالاستقلال من دون توقف على إذن الله ورضاه، ومعناها كون الشفيع قادرا على إنفاذ شفاعته عند الله، ومالكا لأمر المشفوع له من حيث إنقاذه من عقوبة الله وإيصاله إلى ثوابه، وذلك مساوق لنوع من الربوبية.
كما أن المراد من قوله تعالى: ﴿والذين اتخذوا من دون الله أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾ (2): أنهم يقربون إلى الله من غير حاجة إلى رضاه، بل مع سخطه عنا وعدم تعرضنا لطلب القرب من الله.
ومعناه: أن عاقبة أمرنا بيدهم وأنهم مالكون لأمرنا، وهو نوع من الربوبية.
وهذا بخلاف الشفاعة عند الله بإذنه ورضاه.
فليس الاستشفاع من الأنبياء والأئمة عليهم السلام وطلب الشفاعة منهم، مع العلم والاعتقاد بأنهم لا يشاؤون إلا أن يشاء الله، وأن لله الشفاعة جميعا، وأنهم يشفعون بإذن الله ورضاه، إلا طلبا لمرضاة الله وعفوه ومغفرته له لأجل منزلتهم ومكانتهم عنده جلت عظمته، فإنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، بلا اعتقاد أنهم يملكون شيئا من أمر العباد حتى الشفاعة لهم عند الله من دون إذنه ورضاه، فليس في ذلك شئ من شائبة دعوى الربوبية في حقهم، ولا في الاستشفاع بهم بهذا المعنى شئ من شائبة العبادة لغير الله سبحانه وتعالى كيف؟!
وقد مدح الله الاستشفاع بالنبي، وقال عز من قائل: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك

(١) يونس ١٠: ١٨.
(٢) الزمر ٣٩: 3.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»