تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ٢ - الصفحة ٧
غاية الإفضال، وهو الرب.
أقول: وصيرورة الخضوع والتذلل عبادة بالمعنى المذكور، إما بجعله عبادة - كما جعل السجود في الإسلام عبادة وخضوعا خاصا له تعالى لا يجوز لغيره - أو بصدوره من العبد بعنوان خضوع العبد للرب لأجل اعتقاده بكون المعبود ربا له، كما هو الملاك في كون مطلق الطاعات امتثال أوامر الله سبحانه وتعالى عبادة له، كإعطاء الزكاة، فإنه ليس بنفسه خضوعا وتذللا، فضلا عن كونه غاية التذلل، وصيرورته عبادة من حيث صدورها عن العبد بعنوان امتثال أمر خالقه وربه وبارئه.
فصدور الفعل بعنوان امتثال العبد المخلوق لربه الخالق له غاية التذلل ذلة المخلوق بالنسبة إلى خالقه، فإن معنى كونه مخلوقا له أنه معدوم صرف في قبال خالقه الموجد له، وأنه فاقد لوجوده وجميع ما هو واجد له لولا إفضاله عليه.
فالخضوع لغير الله سبحانه وتعالى بغير السجود من دون قصد كونه ربا له ليس عبادة لغيره تعالى ولا شركا له فيها. كيف؟! وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبية صلى الله عليه وآله وسلم بالخضوع للمؤمنين، فقال عز وجل في سورة الحجر:
﴿واخفض جناحك للمؤمنين﴾ (١)، والنبي أشد إيمانا من كل مؤمن، فكيف لا يجوز التواضع له؟! بل التواضع له بما أنه رسول الله تواضع لله تعالى، وكذا التواضع للمؤمنين بما أنهم مؤمنون بالله، وقد أمر الله بالتواضع أيضا للوالدين، فقال تعالى: ﴿واخفض لهما جناح الذل من الرحمة﴾ (2).

(١) الحجر ١٥: ٨٨.
(٢) الإسراء ١٧: 24.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»