وقد اعترف بذلك الصنعاني في تطهير الاعتقاد، فقال: والعبادة أقصى باب الخضوع والتذلل، ولم تستعمل إلا في الخضوع لله، لأنه مولى أعظم النعم، فكان حقيقا بأقصى غاية الخضوع، كما في الكشاف.
فإن تسميته لمجرد الخضوع والموالاة والزيارة والتقبيل والمودة لغيره سبحانه وتعالى عبادة له، وشركا في عبادته تعالى، بهتان عظيم، لا سيما بالنسبة إلى النبي وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام الذين أمر الله بمودتهم بقوله: ﴿قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى﴾ (١).
بل أقول: إن السجود لغير الله سبحانه لمجرد التعظيم من غير اعتقاد ربوبيته وإن كان حراما منع منه أشد المنع، لكنه ليس بشرك، ولا يجوز تكفير مرتكبه إذا يثبت اعتماده بربوبية غيره سبحانه وتعالى.
العبودية في قبال الربوبية العبودية في قبال الربوبية هما مفهومان متضايفان - كالفوقية والتحتية، والأبوة والبنوة - لا ينفك أحدهما عن الآخر مفهوما وخارجا، وادعاء أحدهما لا ينفك عن ادعاء الآخر، بل هو بعينه.
كما أن إنكار أحدهما لا ينفك عن إنكار الآخر، كما في قوله تعالى: ﴿ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون * ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون﴾ (2).
ومنه يعلم أن المراد من قوله تعالى: (ويعبدون من دون الله ما لا