بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٧٦
وليس الذكر الحكيم وحده هو الداعي والآمر بحب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، بل السنة النبوية تضافرت على لزوم حبه.
قال رسول الله: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ". (1) وقد تواتر مضمون هذه الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فمن أراد فليرجع إلى الكتب المعدة لهذا الغرض. (2) مظاهر الحب إن لهذا الحب مظاهر ومجالي، إذ ليس الحب شيئا يستقر في صقع النفس من دون أن يكون له انعكاس خارجي على أعمال الإنسان وتصرفاته، بل من خصائصه أن يظهر أثره على سلوك الإنسان وملامحه.
1. حب الله ورسوله لا ينفك عن اتباع دينه والاستنان بسنته والانتهاء عن نواهيه، ولا يعقل أبدا أن يكون المرء محبا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك يخالفه فيما يبغضه ولا يرضيه. والاتباع أحد مظاهر الحب قال سبحانه: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) * (3). فمن ادعى الحب في النفس وخالف في العمل، فقد جمع بين شيئين متخالفين متضادين.

١. صحيح البخاري: ١ / ٨، باب حب الرسول من الإيمان من كتاب الإيمان.
٢. كنز العمال: ٢ / 126.
3. آل عمران / 31.
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»