بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١١٨
الطلب هو طلب الدعاء، فلو قال القائل: " يا وجيها عند الله اشفع لنا عند الله " يكون معناه ادع لنا عند ربك فهل يرتاب في جواز ذلك مسلم؟
والدليل على أن الشفاعة هو طلب الدعاء، عندما أخرجه مسلم، عن عبد اللهبن عباس، أنه قال: سمعت رسول الله يقول: عندما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه. (1) أي قبل شفاعتهم فيه وليست شفاعتهم إلا دعاؤهم له بالغفران.
وعلى هذا فلا وجه لمنع الاستشفاع بالصالحين إذا كان مآله إلى طلب الدعاء.
الوجه الثاني: إن سيرة المسلمين تكشف عن جواز طلب الشفاعة في عصر النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وبعده.
أخرج الترمذي في سننه عن أنس قال: سألت النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: أنا فاعل، قال: قلت يا رسول الله فأين أطلبك؟ فقال: اطلبني أول عندما تطلبني على الصراط. (2) نقل ابن هشام في سيرته: انه لما توفي رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " كشف أبو بكر عن وجهه وقبله، وقال: بأبي أنت و أمي أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدا. (3)

١. صحيح مسلم: ٣ / ٥٣، باب من صلى عليه أربعون شفعوا فيه من كتاب الجنائز.
٢. سنن الترمذي: ٤ / ٦٢١، كتاب صفة القيامة.
٣. السيرة النبوية: ٢ / 656، ط عام 1375 ه‍ وهو يدل على وجود الصلة بين الأحياء والأموات وقد جئنا به لتلك الغاية.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»