المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٩٤
والأحياء بعد سنيها، واتخاذ رأس كل سنة بتلكم المناسبات أعيادا وأفراحا، أو مآتم وأحزانا، وإقامة الحفل السار، أو التأبين، من الشعائر المطردة، والعادات الجارية منذ القدم، دعمتها الطبيعة البشرية، وأسسها الفكرة الصالحة لدى الأمم الغابرة، عند كل ملة ونحلة، قبل الجاهلية وبعدها، وهلم جرا حتى اليوم.
هذه مواسم اليهود، والنصارى، والعرب، في أمسها ويومها، وفي الإسلام وقبله، سجلها التاريخ في صفحاته.
وكأن هذه السنة نزعة إنسانية، تنبعث من عوامل الحب والعاطفة، وتسقى من منابع الحياة، وتتفرع على أصول التبجيل والتجليل، والتقدير والإعجاب، لرجال الدين والدنيا، وأفذاذ الملأ، وعظماء الأمة، إحياء لذكرهم وتخليدا لا سمهم. وفيها فوائد تاريخية، اجتماعية، ودروس أخلاقية ضافية راقية، لمستقبل الأجيال، وعظات وعبر، ودستور عملي ناجع للناشئة الجديدة، وتجارب واختبارات، تولد حنكة الشعب، ولا تختص بجيل دون جيل، ولا بفئة دون أخرى.
وإنما الأيام تقتبس نورا وازدهارا، وتتوسم بالكرامة والعظمة، وتكتسب سعدا ونحسا، وتتخذ صيغة مما وقع فيها من الحوادث المهمة، وقوارع الدهر ونوازله الخ... " (1). كلام السيد الأمين (ره) وقال السيد الأمين رحمه الله: ".. وأما جعل التذكار لمواليد الأنبياء والأولياء ، الذي يسميه الوهابية بالأعياد والمواسم، بإظهار الفرح والزينة في مثل يوم ولادتهم، التي كانت نعمة من الله على خلقه، وقراءة حديث ولادتهم، كما يتعارف قراءة حديث مولد النبي (ص)، وطلب المنزلة والرفعة من الله لهم، وتكرار الصلوات والتسليم على الأنبياء، والترحم على الصلحاء، فليس فيه مانع عقلي ولا شرعي، إذا لم يشتمل على محرم خارجي، كغناء، أو فساد، أو استعمال آلات اللهو، أو غير ذلك، كما يفعل جميع العقلاء، وأهل الملل في مثل أيام ولادة عظمائهم وأنبيائهم، وتبوأ ملوكهم عروش الملك، وكل ذلك نوع من التعظيم الذي

1 - سيرتنا وسنتنا / ص 45 / 46.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»