طبقاتها من العلماء وغيرهم.
6 - إن السلطة المعاصرة للأئمة عليهم السلام كانت تنظر إليهم وإلى زعامتهم الروحية بوصفها مصدر خطر كبير على كيانها ومقدراتها، وعلى هذا الأساس بذلت كل جهودها في سبيل تفتيت هذه الزعامة، وتحملت في سبيل ذلك كثيرا من السلبيات، وظهرت أحيانا بمظاهر القسوة والطغيان حينما اضطرها تأمين مواقعها إلى ذلك، وكانت حملات المطاردة والاعتقال مستمرة للأئمة أنفسهم على الرغم مما يخلفه ذلك من شعور بالألم أو الاشمئزاز عند المسلمين، ولا سيما الموالين على اختلاف درجاتهم.
وإذا أخذنا بنظر الاعتبار هذه النقاط الست، وهي حقائق تاريخية لا تقبل الشك، أمكن أن نخرج بالنتيجة الآتية:
إن ظاهرة الإمامة المبكرة كانت ظاهرة واقعية ولم تكن وهما من الأوهام، لأن الإمام الذي يبرز على المسرح وهو صغير فيعلن عن نفسه إماما روحيا وفكريا للمسلمين، ويدين له بالولاء والإمامة كل ذلك التيار الواسع لا بد أن يكون في أعلى الدرجات والمراتب من العلم والمعرفة وسعة الأفق والتمكن من الفقه والتفسير والعقائد، لأنه لو لم يكن كذلك لما أمكن أن تقتنع تلك القواعد الشعبية بإمامته، مع ما تقدم من أن الأئمة كانوا في مواقع تتيح لقواعدهم التفاعل معهم، وللأضواء المختلفة أن تسلط على حياتهم وموازين شخصيتهم، فهل ترى أن صبيا يدعو إلى إمامة نفسه وينصب منها علما للإسلام وهو على مرأى ومسمع من جماهير قواعده الشعبية، فتؤمن به وتبذل في سبيل ذلك الغالي من أمنها وحياتها بدون أن تكلف نفسها اكتشاف حاله، وبدون أن تهزها ظاهرة هذه الإمامة المبكرة لاستطلاع حقيقة الموقف وتقييم هذا الصبي الإمام؟