خلقت تاريخها أسطورة، فكيف الحال مع أمة هي من أرقى أمم العالم حضارة في القرون الوسطى باعتراف المستشرقين أنفسهم؟!
والعجيب، أن القائلين بهذا يعترفون برقي الحضارة الإسلامية وسموها بين الحضارات العالمية، ولا ينكرون دور الإسلام العظيم في تهذيب نفوس المؤمنين من سائر البدع والخرافات والعادات البالية التي تمجها النفوس، وتستنكرها العقول، ولم يلتفتوا إلى أن أمة كهذه لا يمكن اتفاقها على الاعتقاد بأسطورة، وأغلب الظن أن هؤلاء المستشرقين لما وجدوا عقائد أسلافهم ملأى بالخرافات والأساطير والضلالات، كبر عليهم أن يكتبوا عن الإسلام - الذي هو أنقى من الذهب الابريز - دون أن يضيفوا عليه شيئا من أحقادهم، ولهذا وصفوا ما تواتر نقله عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بشأن ظهور المهدي في آخر الزمان بأنه من الأساطير.
والمصيبة ليست هنا، لأنا نعلم أن القوم ﴿كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا﴾ (1)، بل المصيبة تكمن في كتابات من تقمص لباس السيد جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبدة ونظائرهما من قادة الإصلاح، مما ساعد على إخفاء حقيقتها وواقعها الذي لم يكن غير الاستظلال بفئ الخصوم، وطلب الهداية ممن غرق في بحر الضلال، من دون ترو مطلوب، ولا التفات مسؤول إلى ما يهدد تراث الإسلام الخالد، ويستهدف أصوله الشامخة.
ومن هنا وجب التحذير من هؤلاء وأولئك، والاحتراز عن كل ما ينفث، أو يبث، قبل بيان الدليل القاطع على عقيدة المسلمين بالمهدي في فصول هذا البحث.
والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم