وأما التبرك بالقبر، أو الإقسام على الله بأحد من خلقه والاستغاثة بالميت، فالكل خارج عن ماهية الزيارة، وإنما هي أمور جانبية، لا تكون سببا، لتسمية الزيارة بدعة، على أن الجميع جائز بدلالة الكتاب والسنة وليست تربة النبي الأكرم بأقل من قميص يوسف، حيث تبرك به يعقوب فعاد بصره، قال سبحانه: (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين... * فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون) (يوسف / 94 - 96).
وليس ضريح النبي ومدفنه بأقل كرامة من تابوت بني إسرائيل وما ترك آل موسى وآل هارون من قميص وعصي وغيرهما، وكان بنو إسرائيل يتبركون به في الحروب قال تعالى: (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين) (البقرة / 248) قال الرازي: إذا حضر (بنو إسرائيل) القتال قدموه بين أيديهم يستفتحون به على عدوهم، وكانت الملائكة تحمله فوق العسكر وهم يقاتلون العدو فإذا سمعوا من التابوت صيحة استيقنوا بالنصر، فلما عصوا وفسدوا سلط الله عليهم العمالقة فغلبوهم على التابوت وسلبوه، فلما سألوا نبيهم البينة على ملك طالوت قال ذلك النبي: إن آية ملكه أنكم تجدون التابوت في داره (1).