أما الثانية: أعني الآثار الإيجابية التي تعود إلى المزور فهذا هو المقصود في بياننا، وهو أن زيارة العظماء هي تخليد لذكراهم، وتجسيد لرسالاتهم في الأذهان، وبالتالي تكون سببا لبقائهم أحياء في كل عصر، وقرن، لا يتسرب إلى وجودهم ورسالاتهم وبطولاتهم أدنى ريب وشك، فبذلك يتجلى المزور في كل زمان حيا في القلوب وفي المجتمع، كما لو كان موجودا بشخصه في زمن الزائر، فكأن الزيارة استمرار لبقائهم في القلوب تجلي الصدأ عنها، وتتجلى صحة وجودهم للخلف كما تجلت للسلف وتكون بمنزلة الدليل على وجودهم ورسالاتهم وبطولاتهم.
فلو حذفنا الزيارة من قاموس حياتنا وتركنا مزارهم وأقفلنا أبواب بيوتهم ولم نهتم بآثارهم طوال قرون، فقد جعلنا آثارهم في مهب الفناء والتدمير، وبالنتيجة التشكيك في أصل وجودهم وبعثهم، وبالتالي تصبح تلك الشخصيات بعد قرون أساطير تاريخية للخلق، فيتلقون النبي والإمام بل الأنبياء كلهم قصصا تاريخية نسجتها يد الخيال، كما هو الحال في كثير من القصص التاريخية التي أصبحت تروى على ألسن الأطفال وفي المنتديات.
إن الإنسان الغربي يتمتع في حياته بكل ما هو غربي إلا الدين والمذهب، فإن مذهبه شرقي، لأن المسيح وليد الشرق ومبعوثه سبحانه إلى أرض فلسطين وغيرها وبما أن الغربي لا يجد أثرا ملموسا للمسيح في حياته فمثلا ليس له قبر حتى يزار ولا لأمه قبر حتى ينسب إليها، ولا لكتابه صورة صحيحة يؤمن به، ولا لتلاميذه وحوارييه آثار ملموسة، فلذلك صارت الديانة المسيحية أسطورة تاريخية في نظر الغرب