وصف زيارته بالبدعة من عمل صحابته (صلى الله عليه وآله)، فقد تضافر عن ابن عمر أنه كان يأتي قبر النبي فيسلم عليه، أو أن عمر بن عبد العزيز يبرد البريد لزيارة الرسول نيابة عنه أو أن بلالا، شد الرحال إلى المدينة لزيارة الرسول.
إن الحوار الدائر بين الإمام مالك وأبي جعفر المنصور، يكشف الغطاء، ويجلي الحقيقة:
روى القاضي عياض في الشفاء بإسناده عن ابن حميد قال: ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله تعالى أدب قوما، فقال: (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي (الحجرات / 2)، ومدح قوما فقال: (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله) (الحجرات / 3) وذم قوما فقال: (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) (الحجرات / 4). وأن حرمته ميتا كحرمته حيا، فاستكان لها أبو جعفر، وقال: يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم (عليه السلام) إلى الله تعالى يوم القيامة، بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله تعالى، قال الله تعالى: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله) (النساء / 64).
فانظر هذا الكلام من مالك رحمه الله وما اشتمل عليه من الزيارة والتوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) وحسن الأدب معه (1).