الزيارة في الكتاب والسنة - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٧٥
هذه هي الغايات المتصورة في زيارة النبي الأكرم. وأما الزيارة البدعية التي تحدث عنها ابن تيمية وأسماها بدعية تارة وإشراكا لله تعالى أخرى، فهو مما أبدعها ابن تيمية وليس بين المسلمين من يسوي بين الله ورسوله، كما هو شعار المشركين، كما قال سبحانه حاكيا عنهم، (إذ نسويكم برب العالمين) (الشعراء / 98)، والمسلمون بعامة طوائفهم براء من الشرك وسماته وقد عرف سبحانه أهل الشرك بسمة خاصة مذكورة في آيتين، قال سبحانه: (ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير) (غافر / 12).
وقال تعالى: (إنهم إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون) (الصافات / 35) فلا تجد مسلما عندما يزور النبي تحت قبته الخضراء وفي مسجده يكون على تلك الحالة أي إذا دعي الله وحده كفر به، وإن يشرك به يؤمن به، أو إذا سمع لا إله إلا الله يستكبر عن عبادته.
ولا أدري كيف تجرى الرجل وحكم بشرك قاطبة المسلمين بمجرد أنهم يطلبون منه الدعاء بعد رحيله، وكم من صحابي جليل، تكلم معه وطلب منه الدعاء بعد وفاته.
1 - هذا أبو بكر: أقبل على فرسه من مسكنه بالسنخ حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة (رض) فتيمم النبي (صلى الله عليه وآله) وهو مسجى ببرد حبرة، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى، فقال: بأبي أنت يا نبي الله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها (1).

(1) البخاري، الصحيح 2: 17، كتاب الجنائز.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»