الزيارة في الكتاب والسنة - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٨
الحج إلى بيت الله (1).
ولو صح ذلك النقل عن ابن تيمية ففي كلامه أوهام شتى إليك بيانها:
1 - قال: إذا كان السفر إلى بيوت الله غير الثلاثة ليس بمشروع.
يلاحظ عليه: من أين وقف على أن السفر إلى غير المساجد الثلاثة محرم؟! وقد عرفت أن النهي ليس تحريميا مولويا وإنما هو إرشاد إلى عدم الجدوى، ولأجل ذلك لو ترتبت على السفر مصلحة لجاز كما عرفت في سفر النبي إلى مسجد قبا مرارا.
2 - نسب عدم المشروعية إلى الأئمة الأربعة، إلا أننا لم نجد نصا منهم على التحريم، ووجود الحديث في الصحاح لا يدل على أنهم فسروا الحديث بنفس ما فسر به ابن تيمية.
ولا يخفى على الأئمة ظهور الحديث في الدلالة على عدم الجدوى، لا كون العمل محرما.
3 - أن عدم جواز السفر إلى غير المساجد الثلاثة لا يكون دليلا على عدم جوازه إلى (بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) (النور / 36) إذ لا ملازمة بينهما، لأنه لا تترتب على السفر في غير مورد الثلاثة أية فائدة سوى تحمل عناء السفر، وقد عرفت أن فضيلة أي جامع في بلد، نفسها في البلد الآخر، وليس اكتساب الثواب متوقفا على السفر، وهذا بخلاف المقام فإن درك فضيلة قبر النبي يتوقف على السفر، ولا

(1) ابن تيمية، الفتاوى - كما في كتاب البدعة للدكتور عبد الملك السعدي.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»