والأئمة (عليهم السلام)، إذا نفضوا أبدانهم الشريفة وتجردوا عنها، وصعدوا إلى عالم التجرد، وكانوا في غاية الإحاطة والاستيلاء على هذا العالم يكون العالم عندهم ظاهرا منكشفا، فكل من يحضر مقابرهم لزيارتهم يطلعون عليه، لا سيما ومقابرهم مشاهد أرواحهم المقدسة العلية، ومحال حضور أشباحهم البرزخية النورية، فإنهم هناك يشهدون (بل أحياء عند ربهم يرزقون) (آل عمران / 169)، وبما آتاهم الله من فضله فرحون، فلهم تمام العلم والاطلاع بزائري قبورهم، وحاضري مراقدهم وما يصدر عنهم من السؤال والتوسل والاستشفاع والتضرع، فتهب عليهم نسمات ألطافهم، وتفيض عليهم من رشحات أنوارهم، ويشفعون إلى الله في قضاء حوائجهم، وإنجاح مقاصدهم، وغفران ذنوبهم وكشف كروبهم.
فهذا هو السرفي تأكد استحباب زيارة النبي والأئمة (عليهم السلام) مع ما فيه من صلة لهم. وبرهم وإجابتهم، وإدخال السرور عليهم، وتجدد عهد ولايتهم، وإحياء أمرهم، وإعلاء كلمتهم، وتنكيت أعدائهم. وكل واحد من هذه الأمور مما لا يخفى عظيم أجره وجزيل ثوابه.
وكيف لا تكون زيارتهم أقرب القربات، وأشرف الطاعات، ومع أن في زيارة المؤمن - من جهة كونه مؤمنا فحسب - عظيم الأجر وجزيل الثواب، وقد ورد به الحث والتوكيد والترغيب الشديد من الشريعة الطاهرة، ولذلك كثر تردد الأحياء إلى قبور أمواتهم للزيارة، وتعارف ذلك بينهم، حتى صارت لهم سنة طبيعية.
وأيضا قد ثبت وتقرر جلالة قدر المؤمن عند الله، وثواب صلته