الزيارة في الكتاب والسنة - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٨
والاستغراق لجميع الأفراد، ولفظة أبدا تفيد الاستغراق الزمني، فيكون معناها: لا تصل على أحد من المنافقين في أي وقت كان.
فمع الانتباه إلى هذين اللفظين نعرف - بوضوح - أن المراد من النهي عن الصلاة على الميت المنافق ليس خصوص الصلاة على الميت عند الدفن فقط، لأنها ليست قابلة للتكرار في أزمنة متعددة، ولو أريد ذلك لم تكن هناك حاجة إلى لفظة أبدا، بل المراد من الصلاة في الآية مطلق الدعاء والترحم سواء أكان عند الدفن أم غيره.
فإن قال قائل: إن لفظة أبدا تأكيد للاستغراق الأفرادي لا الزماني.
فالجواب بوجهين:
1 - إن لفظة أحد أفادت الاستغراق والشمول لجميع المنافقين بوضوح فلا حاجة للتأكيد.
2 - إن لفظة أبدا تستعمل في اللغة العربية للاستغراق الزماني، كما في قوله تعالى: (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) (الأحزاب / 53).
فالنتيجة أن المقصود هو النهي عن الترحم على المنافق وعن الاستغفار له، سواء أكان بالصلاة عليه عند الدفن أم بغيرها.
الثانية: (ولا تقم على قبره) إن مفهوم هذه الجملة - مع الانتباه إلى أنها معطوفة على الجملة السابقة - هو: لا تقم على قبر أحد منهم مات أبدا لأن كل ما ثبت للمعطوف عليه من القيد - أعني أبدا - يثبت للمعطوف أيضا، ففي هذه الحالة لا يمكن القول بأن المقصود من
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»