كثيرة، وكلها تدل على أن التوجه إلى الله تعالى في حال الشدة والاضطرار أصيل في فطرة الإنسان وطبيعي في وجوده.
قال رجل للإمام الصادق (عليه السلام): يا بن رسول الله، دلني على الله ما هو؟
فقد أكثر علي المجادلون وحيروني، فقال له: (يا عبد الله، هل ركبت سفينة قط؟ قال: نعم. قال (عليه السلام): فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك، ولا سباحة تغنيك؟ قال: نعم، قال (عليه السلام): فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: نعم. قال الإمام الصادق (عليه السلام): فذلك الشئ هو الله القادر على الانجاء حيث لا منجي، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث) (1).
لقد جعل الإمام الصادق (عليه السلام) الرجل يعرف الله تعالى عن طريق قلبه، لقد دله الإمام (عليه السلام) على ذلك الطريق الذي يوصل بين القلب والخالق القادر، إن هذا الاتجاه الفطري الذي يتجلى عند تقطع الأسباب ويتوجه إلى القدرة القاهرة الغالبة على الأسباب والعلل الظاهرة، هو الدليل على وجود تلك القدرة، ولولا وجودها لما وجدت تلك الفطرة في قلب الإنسان.
إن التوجه إلى الله تعالى في حال الشدة والاضطرار والتضرع إليه بالدعاء، أمر غير مرئي بالحواس، ويمكننا أن نشبهه بتوجه غريزي مرئي ومعروف، ذلك هو ميل الطفل إلى ثدي أمه، هو غريزة تنشأ معه منذ ولادته، فإذا جاع تحركت فيه هذه الغريزة وهدته إلى البحث عن ثدي أمه الذي لم يره ولم يعرفه ولم يتعود عليه، فلولا وجود ثدي ولبن يناسبان