وعن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) أنه كان يقول: (لم أر مثل التقدم في الدعاء، فإن العبد ليس تحضره الإجابة في كل ساعة) (1).
وعن الإمام أبي الحسن (عليه السلام): (إن أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة، ليس إذا أعطي فتر، فلا تمل الدعاء، فإنه من الله عز وجل بمكان) (2).
فالدعاء الاضطراري الذي يمثل نداء الفطرة والغريزة لا تتخطاه الإجابة، لأنه يقع ضمن دائرة الرحمة الإلهية التي وسعت كل شئ، والدعاء الاختياري الذي يصدر عن منطقة الوعي ونداء العقل وينبض بحركة الروح والشعور في الذات وحركة القلب المنقطع إلى ربه المتخلي عن جميع الأسباب في الشدة والرخاء، هو الآخر لا تتخطاه الإجابة، وهو مخ العبادة وجوهرها النقي، وهو الذي وصف به المتقون: (ذبل الشفاه من الدعاء، صفر الألوان من السهر، على وجوههم غيرة الخاشعين) (3).
والدعاء بالمعنى الأخير عبادة حية متحركة لا تخضع للزمان والمكان المعينين ولا للأفعال الخاصة والكلمات المحددة، بل ينطلق فيها الإنسان حرا في المكان الذي يقف فيه، والوقت الذي يختاره، واللغة التي يتحدث بها، والكلمات التي يعبر بها، والمضمون الذي يريده.
اقتران الدعاء بمظاهر العبادة:
لقد اهتم الشارع المقدس بالدعاء لأنه أحب الأعمال إلى الله تعالى في