نقول: (الدعاء من العبد لربه: هو عطف رحمته وعنايته إلى نفسه بنصب نفسه في مقام العبودية والمملوكية، ولذا كانت العبادة في الحقيقة دعاء، لأن العبد ينصب فيها نفسه في مقام المملوكية والاتصال بمولاه بالتبعية والذلة ليعطفه بمولويته وربوبيته إلى نفسه، وهو الدعاء) (1).
وإلى ذلك يشير قوله تعالى: * (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) * (2)، فالآية تدعو إلى الدعاء وتحث عليه وتعد بالإجابة، وتزيد على ذلك حيث تسمي الدعاء عبادة، فقد عبرت أولا بالدعاء (ادعوني) ثم عبرت عن الدعاء بالعبادة (عن عبادتي) أي عن دعائي، بل (إن الآية تجعل مطلق العبادة دعاء، حيث إنها تشتمل على الوعيد لترك الدعاء بالنار، والوعيد بالنار إنما هو على ترك العبادة رأسا، لا على ترك بعض أقسامها دون بعض، فأصل العبادة إذن دعاء) (3).
وإذا تأملنا في قوله تعالى: * (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) * (4).
نلاحظ أنه (كما يشتمل على الحكم وهو إجابة الدعاء، كذلك يشتمل على علله، فكون الداعين عبادا لله تعالى هو الموجب لقربه منهم، وقربه منهم هو الموجب لإجابته المطلقة لدعائهم) (5).