التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٦٩
ولا يخفى ما في كلامه من ضعف:
أما أولا: فإن هؤلاء المتوسلين عند الضرائح لا يشركون أحدا في الدعاء (الذي هو مخ العبادة) ولا يدعون إلا الله الواحد القهار، وإنما يطلبون من أوليائهم أن يضموا دعاءهم إلى دعاء المتوسلين، فيشتركوا معهم في دعاء الله لنجاح حاجتهم، ولولا ذلك لما كان لطلب الشفاعة معنى، فإن الشفاعة مأخذوة من الشفع - كما قلنا - الذي هو ضد الوتر، فهو يطلب من وليه أن ينضم إليه في الدعاء ويجتمع معه في العمل فأين ذلك من تشريك غير الله معه في الدعاء؟!.
وثانيا: إن المسلمين لا يدعون الضرائح بل يطلبون من (صاحب) الضريح أن يشترك معهم في الدعاء لأنه ذو مكانة مكينة عند الله، وإن كان متوفيا، ولكنه حي يرزق عند ربه - بنص الكتاب العزيز - وأنه لا يرد دعاءه لقوله سبحانه في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثلا:
(ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) (النساء - 64) (وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) (التوبة - 103) ثم إنه يظهر من ابن تيمية في بعض رسائله (1)، وتلميذ مدرسته محمد بن عبد الوهاب في رسالة " أربع قواعد " (2) إنهما استدلا على تحريم طلب الشفاعة من غير الله بقوله سبحانه:
(قل لله الشفاعة جميعا) (الزمر - 44)

(١) رسالة " زيارة القبور والاستغاثة بالمقبور ": ١٥٦.
(٢) ص ٢٥، راجع كشف الارتياب: 240 - 241 وكشف الشبهات لمحمد بن عبد الوهاب: 8.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»