التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٧١
هذه تدل على أن طلب الشفاعة لا يكون إلا من الله وحده، دون طلبها من المخلوق وإن كان له حق الشفاعة، لم يذكره أحد من المفسرين.
* * * ثم إنه كيف يمكن التفريق بين طلب الشفاعة من الحي وطلبها من الميت فيجوز الأول بنص قوله تعالى:
(ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) (النساء - 64) وبدليل طلب أولاد يعقوب من أبيهم الشفاعة وقولهم:
(يا أبانا استغفر لنا) (يوسف - 97) ووعد يعقوب - عليه السلام - إياهم بالاستغفار لهم، بينما لا يكون الثاني (أي الاستشفاع بالميت) جائزا؟
أفيمكن أن تكون الحياة والممات مؤثرتين في ماهية عمل وقد سبق أن الحياة أو الممات ليست (معيارا) للتوحيد والشرك وبالنتيجة لجواز الشفاعة أو عدم جوازها.
وإذا لاحظت كتب الوهابيين لرأيت أن الذي أوقعهم في الخطأ والالتباس هو مشابهة عمل الموحدين في طلب الشفاعة والاستغاثة بالأموات والتوسل بهم، لعمل المشركين عند أصنامهم، ومعنى ذلك أنهم اعتمدوا على الأشكال والظواهر وغفلوا عن النيات والضمائر.
وأنت أيها القارئ لو وقفت على ما في ثنايا هذه الفصول لرأيت أن الفرق بين العملين من وجوه كثيرة، نذكر منها:
1 - إن المشركين كانوا يقولون بإلوهية الأصنام بالمعنى الذي مر ذكره،
(١٧١)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»