التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٣٣
وكيف ما كان هو أن الذي لا ريب فيه ان المهتدين يحشرون ويصيرون مع الهادين إلى الجنة، والضالين يحشرون ويصيرون مع المضلين إلى النار، وهذا المعنى تصرح به آيات كثيرة وأحاديث متواترة، ومن الآيات قوله تعالى: (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين (31) قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين (32) وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار (1) إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ([سبأ / 32 - 34].
وإذا صار المستكبرون والمستضعفون إلى العذاب والنار فحينئذ يطلب المستضعفون من الله تعالى أن يضاعف العذاب على رؤسائهم كما في قوله تعالى حاكيا عنهم وهو في النار (وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا (67) ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ([الأحزاب / 68 - 69]، وهذا دعاء مستجاب منهم.
وكان النبي (ص) يصرح به في كتبه ورسائله إلى ملوك ورؤساء العالم من الأكاسرة والقياصرة والأقابطة والأساقفة وغيرهم فمثلا يكتب إلى كسرى ملك الفرس: أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنما

(١) في هذا النص " بل مكر الليل والنهار " إشارة واضحة إلى وسائل الإعلام الحديثة التي بواسطتها استطاع الظالمون أن يواصلوا مكرهم وخداعهم للشعوب المستضعفة ليلا ونهارا وبلا انقطاع " والله من ورائهم محيط " [البروج / 21].
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 39 40 ... » »»