المسألة الرابعة في تزيين الشاهد بالذهب والفضة والحلي والحلل، وإيقاد السراج فيها وتظليلها، فالوهابي حرم كل ذلك واحتج عليه: تارة باللغو والعبث وأنها مما لا ينتفع به الميت، وأخرى بما عن الشافعي من أن عمر رأى قبة على قبر ميت فنحاها وقال: دعوة يظله عمله، وثالثة بحديث ابن عباس: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج.
حجة الإمامية القائلين بالجواز:
(أولا) أصالة الإباحة الدال عليها قوله تعالى: وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون، وقد أسمعناكها مفصلا في المقدمة الأولى.
(وثانيا) مقايسة زينة المشاهد ومتعلقاتها وحليها وحللها بزينة الكعبة وحللها وكسوتها، فإن الجهة واحدة والإسراف واللغوية وعدم الاستفادة بها علة مشتركة.
والحال أن سيرة الخلفاء الراشدين على تعظيم الكعبة بذلك، بل وسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا - كما تشهد لها التواريخ بل وكتب الحديث.
قال ابن خلدون في مقدمته: وقد كانت الأمم منذ عهد الجاهلية تعظم البيت وتبعث إليه الملوك بالأموال والذخائر كسرى وغيره. وقصة الأسياف وغزالي الذهب اللذين وجدهما عبد المطلب حين احتفر زمزم معروقة، وقد وجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين افتتح مكة في الجب الذي كان فيها سبعون ألف أوقية من الذهب مما كان الملوك يهدون للبيت فيها ألف ألف دينار مكررة