الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٩٩
يكون الإنسان جاحدا لخالقه وبارئه إلا لعامل روحي أو مادي يدفعانه إلى الإنكار والجحد، أو الشك والترديد، وأما ما وراء ذلك فالجاهل القاصر متصور ومحقق فهو ليس بمؤمن ولا كافر بالمعنى الذي عرفت.
ج: الجاهل القاصر والحكم الوضعي:
هل الجاهل القاصر محكوم بالأحكام الوضعية الثابتة في حق الكافر كنجاسته وحرمة ذبيحته وتزويجه على التفصيل المحرر في كتاب النكاح أو لا؟
إن التصديق الفقهي يتوقف على معرفة لسان الأدلة في هذه الموارد، وأن الحكم هل هو مترتب على عنوان غير المسلم؟ كأن يقول: ذبيحة غير المسلم نجس لا تؤكل، أو هو مترتب على عنوان الكافر، أو على عنوان من لم يؤمن بالله ورسوله... إلى غير ذلك من العناوين، ومن المعلوم أن الجاهل القاصر غير مسلم فيحكم بما يترتب عليه، وأما الحكم المترتب على الكافر فهو فرع القول بأنه كافر، وقد عرفت أن الروايات حاكمة على كونه غير مؤمن ولا كافر، وأما العنوان الثالث، فالجاهل القاصر غير مؤمن بالله ورسوله وما جاء به من الأحكام الضرورية التي يرجع إنكارها إلى إنكار الرسالة، وبالجملة تجب ملاحظة العنوان وأنه هل هو منطبق على الجاهل القاصر أولا؟ وليس المقام مناسبا للتصديق الفقهي، فإحراز العناوين موكول إلى محلها.
د: هل الجاهل القاصر معاقب؟
قد ظهر مما ذكرنا حكم العقاب، فإنه بحكم العقل مختص بالمقصر، والمتمكن من المعرفة، وأما غير المتمكن فعقابه قبيح عقلا ومرفوع شرعا، إلا أن يكون العقاب من لوازم الابتعاد عن الحق، وارتكاب الأعمال المحرمة
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»