الفحلين، يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا. فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقيا جرانه ومتبوئا أوطانه، ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ما قام للدين عمود، ولا اخضر للإيمان عود (1) ".
هذه كلمة قائد الشيعة وإمامهم، أفهل يجوز لمن يؤمن بإمامته أن يكفر جميع صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو يفسقهم، أو ينسبهم إلى الزندقة والإلحاد، أو الارتداد، من دون أن يقسمهم إلى أقسام ويصنفهم أصنافا ويذكر تقاسيم القرآن والسنة في حقهم؟! كلا ولا، وهذا هو الإمام علي بن الحسين يذكر في بعض أدعيته صحابة النبي ويقول: " اللهم وأصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به ومن كانوا منطوين على محبته، يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا، الخلق عليك وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه، ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم، اللهم وأوصل التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا... (2) ".
فإذا كان الحال كذلك، واتفق الشيعي والسني على إطراء الذكر الحكيم للصحابة والثناء عليهم فما هو موضع الخلاف بين الطائفتين كي يعد ذلك من أعظم الخلاف بينهما؟