الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥٨
الجهة السادسة:
في تكفير أهل القبلة إذا تعرفت على ما يخرج الإنسان من الإيمان ويدخله في الكفر يعلم أنه لا يصح تكفير فرقة من الفرق الإسلامية ما دامت تعترف بالشهادتين ولا تنكر ما يعد من ضروريات الدين التي يعرفها كل من له أدنى إلمام بالشريعة وإن لم تكن له مخالطة كثيرة مع المسلمين. وعلى ذلك فالبلاء الذي حاق بالمسلمين في القرون الماضية وامتد إلى عصرنا الحاضر بلاء مبدد لشمل المسلمين أولا، ومحرم في نفس الكتاب والسنة وإجماع المسلمين ثانيا، ومن الأسف أن التعصبات المذهبية الكلامية صارت أساسا لتكفير المعتزلة أصحاب الحديث والأشاعرة وبالعكس، وربما عم البلاء شيعة أئمة أهل البيت فترى أن بعض المتعصبين أخذوا يكفرون الشيعة بأمور لو ثبتت لا تكون سببا للتكفير، فضلا عن كون أكثرها تهما باطلة كالقول بتحريف القرآن ونظيره وأن الثابت منها، مدعم بالكتاب والسنة كما سيوافيك في آخر هذا الفصل، ولأجل أن يقف القارئ على مدى البلاء في العصور السابقة نذكر كلمة الإيجي، قال:
قال جمهور المتكلمين والفقهاء على أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة، والمعتزلة الذين قبل أبي الحسين، تحامقوا فكفروا الأصحاب - يريد الأشاعرة - فعارضه بعضنا بالمثل، وقال الأستاذ وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا (1).

1. الإيجي: المواقف: 392.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»