الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٨
دفنهم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وصلى عليهم وكان يزورهم ويسلم عليهم، ثم شهداء سائر المعارك والغزوات حتى قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في حق سعد بن معاذ شهيد غزوة الخندق: اهتز العرش لموته، وشهداء بئر معونة ويتراوح عدد الشهداء بين 40 حسب رواية أنس بن مالك، أو 70 حسب رواية غيره، إلى غير ذلك من الأصحاب الصادقين الأجلاء الذين: * (صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) * (الأحزاب - 23) * (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) * (آل عمران - 173) * (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله... * والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) * (الحشر: 8 - 9).
فهل يصح لمسلم أن يبغض هؤلاء مع أن إمام الشيعة يصفهم بقوله:
" أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة؟ أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدبروا الفرض فأقاموه. أحيوا السنة وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوه " (1).
وليس ما جاء في هذه الخطبة فريدا في كلامه، فقد وصف أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم صفين، يوم فرض عليه الصلح بقوله:
" ولقد كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما، ومضيا على اللقم، وصبرا على مضض الألم، وجدا في جهاد العدو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول

1. نهج البلاغة: الخطبة 182.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»