وكأن الأستاذ أبا إسحاق الإسفرائيني صور الموقف موقف حرب فعمل بقوله سبحانه: * (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * (البقرة - 194) مع أن الموقف موقف حزم واحتياط، فلو كفرت إحدى الطائفتين الطائفة الأخرى عن حمق وجهالة، فيجب علينا إرشاد المكفرين وهدايتهم وإقامة الدلائل على إيمانهم لا تكفيرهم عملا بالاعتداء بالمثل.
والعجب أن أكثر المسائل التي ربما بها تكفر طائفة، طائفة أخرى، مسائل كلامية لم يكن بها عهد في عصر النبي الأكرم، ولم يكن النبي يستفسر عن عقيدة المعترف بالشهادتين، فيها نظير:
1 - كون صفاته عين ذاته أو زائدة عليها.
2 - كون القرآن محدثا أو قديما.
3 - أفعال العباد هل هي مخلوقة لله تعالى أم لا؟
4 - هل الصفات الخبرية في القرآن كاليد والوجه تحمل على المعنى اللغوي أو تؤول؟
5 - رؤية الله سبحانه في الآخرة هل هي ممكنة أم ممتنعة؟
6 - عصمة الأنبياء قبل البعثة وبعدها.
إلى غير ذلك من عشرات المسائل الكلامية التي يستدل فيها كل من الطائفتين بلفيف من الآيات والأحاديث، فكل يرى نفسه متمسكا بالمصدرين الرئيسيين وفي الوقت نفسه معترفا بتوحيده ورسالة نبيه.
فعلى ذلك يجب علينا الأخذ بالضابطة، فما دام الخلاف ليس في صلب التوحيد وما جاء به الرسول بالضرورة على نحو تعد المفارقة عنه، مفارقة عن الاعتراف بالرسالة لا يكون الاختلاف موجبا للكفر، وخروجا عن الإسلام