الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢١٨
والاهتمام بالقراءة يستدعي - منطقيا - الاهتمام بالصنعة النحوية، في النص القرآني إذ أن هذا الاهتمام بضبط أواخر الكلمات، إنما يقصد أساسا إلى المعنى، فعلى المعنى يدور ضبط الكلمة وإعرابها فالفاعل يرفع والمفعول به ينصب وما لحقه من الجر بسبب من أسبابه يجر.
فالتفات النحويين إلى إعراب القرآن كان التفاتا طبيعيا، لأن الغاية من وضع النحو هو خدمة معنى القرآن وتحليته.
ففي ضوء ضبط القراءة ثم ضبط الإعراب القرآني، يتضح مفاد الآية في هذا الإطار الخاص مضافا إلى تحقيق مفردات الآية لغويا، وتوضيح معانيها الأصيلة.
وعلى هذا النمط تجد التفاسير الآتية:
1 - معاني القرآن تأليف ابن زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت 207 ه‍) ففسر مشكل إعراب القرآن ومعانيه على هذا المنهج وقد طبع الكتاب في جزأين، حققهما محمد على النجار وأحمد يوسف نجاتي.
ويبدو من ديباجة الكتاب أن الفراء شرع في تأليفه سنة (204 ه‍).
والكتاب قيم في نوعه، وإن كان غير واف بعامة مقاصد القرآن الكريم.
2 - مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى (ت 213 ه‍) وقيل غير ذلك.
يقول في مقدمة الكتاب: قالوا: إنما أنزل القرآن بلسان عربي ومصداق ذلك في آية من القرآن وفي آية أخرى: * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) * (1) فلم يحتج السلف ولا الذين أدركوا وحيه إلى النبي أن يسألوا عن معانيه لأنهم كانوا عرب الألسن فاستغنوا بعلمهم به عن المسألة عن معانيه،

1. إبراهيم: 4.
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»