يمثل بعض علمائنا ويقول: لو أن أحدا ادعى تمكنه من المشي على الماء، يكذبه الحاضرون، وكل من يسمع هذه الدعوى يقول: هذا غير ممكن، فإذا مشى على الماء وعبر النهر مرة يزول الاستغراب أو الاستبعاد من السامعين بمقدار هذه المرة، فإذا كرر هذا الفعل وكرره وكرره أصبح هذا الفعل أمرا طبيعيا وسهل القبول للجميع، حينئذ هذا الاستبعاد يزول بوجود نظائر ذلك.
إلا أن ابن تيمية ملتفت إلى هذه الناحية، فيكذب أصل حياة الخضر ويقول: بأن أكثر العلماء يقولون بأن الخضر قد مات، فيضطر إلى هذه الدعوى، لأن هذه النظائر إذا ارتفعت رجع الاستبعاد مرة أخرى.
لكنك إذا رجعت مثلا إلى الإصابة لابن حجر العسقلاني (1) لرأيته يذكر الخضر من جملة الصحابة، ولو رجعت إلى كتاب تهذيب الأسماء واللغات للحافظ النووي (2) الذي هو من علماء القرن السادس أو السابع يصرح بأن جمهور العلماء على أن الخضر حي، فكان الخضر حيا إلى زمن النووي، وإذا نزلت شيئا فشيئا تصل إلى مثل القاري في المرقاة (3) وتصل إلى مثل شارح المواهب اللدنية، هناك يصرحون كلهم ببقاء الخضر إلى زمانهم، وحتى أنهم ينقلون قصصا وحكايات ممن التقى بالخضر وسمع منه الأخبار والروايات، فحينئذ تكذيب وجود الخضر من قبل ابن تيمية إنما