وفي نص آخر، أن ابن زياد قال لزيد: إنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك!
والذي يستوقف الناظر: ماذا كان يفعل هذا الصحابي الشيخ في مجلس عبيد الله؟ داخل القصر؟ في مثل هذه الأيام؟
هل كان يجهل أن الناس في الكوفة قد ذهبوا لقتال الحسين عليه السلام؟
وأن الحسين قد قتل؟
فهو إذن قد خرف حقا!
ثم أين كان حماسه هذا، قبل أن يؤتى برأس الحسين عليه السلام؟
ولماذا لم يرو قبل هذا ما رواه بعد هذا المجلس، لما [322] خرج زيد بن أرقم من عنده - يعني ابن زياد - يومئذ وهو يقول: أما والله، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: اللهم إني استودعكه وصالح المؤمنين.
فكيف حفظكم لوديعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1) لكن، كيف كان حفظك أنت يا زيد، يا صحابي! لوديعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وقد أسلمته وحده، في كربلاء، يذبح هو وأهل بيته، وشيعته؟ وأنت تنادم قاتله ابن زياد؟
ولكن هذه المواقف المتأخرة، هل تسد شيئا مما أصيب به الإسلام من الثلمات؟ أو ترد على الأمة ما فقده من الرجالات؟