لقد كشف الإمام بعرض هذه الأمور، عن مدى قساوة هؤلاء، كما كشف عن جهلهم بسنة الرسول، التي يدعون الانتماء إليها والدفاع عنها.
وحين رفضوا الخيارات التي عرضها بكلمة النفي (لا) فإن الخيار الثالث - مهما كانت صيغته - فإنه لم يقابل إلا بالسلاح (1) وهذا لا يصدر ممن له وجدان، وضمير، وإنسانية، فضلا عن الذين يدعون الانتساب إلى الإسلام دين الرحمة والسلام والحق والعدل إن عروض الحسين عليه السلام هذه تكشف بجلاء عن مدى بعد الأمة المسلمة، عن دين الإسلام، ولما يمض على وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، نصف قرن، خمسون عاما فقط!
وأن المسلمين لم يتعمقوا في فهم التعاليم القيمة التي جاء بها الإسلام ولم يتخلوا تماما من روح الجاهلية الأولى الكامنة في نفوسهم، فلا زالوا يتحركون بها، ولا زالت أعراف الجاهلية وعاداتها في حبها لسفك الدماء، وهتك الأعراض، وخيانة الوعود، ونبذ العهود، وخفور الجوار، وهتك الذمار، تملأ نفوسهم ، وتعشعش في عقولهم وأبان الإمام الحسين عليه السلام أن المسلمين - يومذاك - قد استولى عليهم الحكام إلى حد الانقياد لهم في معصية الله وإلى حد الذل والخضوع والطاعة لمن