عقلي فوجدت لهؤلاء رأيا جميلا في الله، ورأيا جميلا في الحياة ليس لقومهم مثلها، ثم أردف قائلا لكل أجل كتاب لا يسبقه ولا يتأخر عنه.
وهكذا دار الحوار السري بين الابن الذكي الناضج وبين الأب العاقل الصالح الحكيم.
وكان عبد المطلب يتعبد ويتحنث على الحنيفية ملة أبيه إبراهيم (عليه السلام)، برغم تمسك قريش بشركهم عاكفين على عبادة أوثانهم، يغتنم الفرصة ويسعى في مهل إلى عبادة ربه دون أن يثير حفيظة قومه أو يريبهم، فيفاجئهم شيئا فشيئا بسنن " الحنيفية " من دين جده إبراهيم الخليل (عليه السلام)، ومن حكمته في تأتيه الفرصة وتحينها، إنه بدأ بنفسه فاجتنب الخمرة على أنها رجس، ولم يحرج قومه بحملهم على اجتنابها، ثم فارق المشركين في حقيقة دينهم كله بسلبية أخرى دون إكراه، ثم ذهب إلى غار (حراء) يتحنث، ويتنسك معتزلا آلهتهم متوجها إلى عبادة ربه بصومه وصلاته، ثم تجاوز بثورة أخرى لم يفطن لها