فلما استقبله الناس ما عرفوه حتى دخل المدائن، فمهدوا له قصر الإمارة فقال: استأجروا حانوتا في السوق ليحكم بين الناس. لئلا يحجب عنه أصحاب الحاجات.
ويحدثنا الشيخ علي الأحسائي في منهاجه: لما ورد سلمان المدائن قعد تحت ظلال الحائط في المسجد ولم يقبل الدخول في بيت الأمارة فقالوا له: نبني لك دارا؟ فلم يقبل. وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على مدى ورعه وزهده وسمو نفسه الذي جعله في مصاف العظماء الخالدين.
وهذه الحالة النفسية، تقتضيها طبيعة سلمان النازعة إلى الحق في سائر أدوار حياته. ولربما كانت هذه الحالة تمثل لنا خلات كثيرة لا تزال لدينا مبهمة قد أغفلها التاريخ.
ومهما يكن من شئ فإنها حالة تقتضيها المدرسة التي تخرج منها سلمان، حيث كان ملازما لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وله منه مجالس خاصة لا يشاركه فيها أحد.