رحاله ليستريح من وعثاء السفر المضني، انصرف كل منهم إلى شؤونه إلا أني لم يقر لي قرار أبحث وأستفسر عن مكان رئيس الأساقفة وكهنتها فأرشدوني إلى الدير الذي يقيم ويتعبد فيه وهو واقع على قمة إحدى الجبال المطلة على دمشق الشام، فلما انتهيت إلى باب الصومعة، ودخلتها نطقت بالشهادة وهي لا إله إلا الله، عيسى روح الله، محمد حبيب الله. هزت الأسقف هذه الشهادة وأنفتل من صلواته لينظر من المتشهد فما أن رآني حتى اندفع نحوي متسائلا من أنت؟ ومن الذي جاء بك؟ وما تريد، حكيت له قصتي، وأخيرا قلت له أنا رجل من أهل فارس أطلب العمل والعلم وأتعلمه، فضمني إليك أخدمك وأصحبك حتى تعلمني شيئا مما علمك الله؟ قال الأسقف: نعم إصعد إلى صومعتي فبقيت معه أخدمه وأتعلم منه ما شاء الله حتى أصحبت من أقرب الناس إليه وأوثقهم عنده، إلى أن حضرته الوفاة، بكيت عندها، قال الأسقف ما يبكيك يا بني؟ فقلت إلى من تخلفني
(٣٠)