يرجعون إليه كأمر مسلم به، فيبنون عليه أحكامهم، وينطقون منه فيما يقررون.
لا أريد أن أبدا نقاش الأستاذ السماك فيما بدأ به كلامه، بل أبدا نقاشي بما ختم به كلامه حيث يقول: " فتجزأت الدولة وتم النصر لأعداء الإسلام ".
من بدأ بتجزئة الدولة الإسلامية؟ إن الذي بدأ بتجزئة الدولة وثبت سس هذه التجزئة عل مر العصور هو والي دمشق الذي أعلن تمرده على السلطة الشرعية وانفصاله عنها، ثم قام بما أسماه (مالك بن نبي) بالانقلاب على ما تمثله الدولة من قواعد وشرائع وأحكام فألغاها وأقام مكانها حكما فرديا يتحكم في الدماء والأعراض والأموال والكرامات، ويكون فيه مع كل وال موظف لقبه (صاحب العذاب) لتعذيب المطالبين بالحرية والحق والعدل، فكانت تجزئته للدولة لا تجزئة مادية فحسب، بل تجزئة نفسية روحية هي شر من التجزئة المادية، فانقسمت الأمة وتشتت أمرها تشتتا رافقها على مر العصور وكان العامل الأساسي في كل التجزئات المادية التي حدثت بعد ذلك.
ونحن لا نريد أن نسترسل في بيان رأينا في هذا، بل ننقل للأستاذ السماك آراء بعض كبار المفكرين المسلمين الذين لا نشك أنه يعتد بآرائهم: قال الشيخ رشيد رضا في الصفحة 955، من الجزء 12، من المجلد 12 عن ذلك الوالي ما يلي: " لقد حول شكل الحكومة الإسلامية إلى حكومة شخصية استبدادية جعلت مصالح الأمة كالمال يرثه الأقرب فالأقرب إلى المالك وإن كرهت الأمة كلها، فكان هذا أصل جميع مصائب الأمة الإسلامية (انتهى).
وقال المفكر الفلسطيني المناضل الدكتور وليد قمحاوي: في مجلة " العربي " عنه: " إنه استطاع أن يجعل الوطن العربي ملكا يتوارثه الأبناء والأحفاد، وكأنه إقطاعية كبيرة وشعبه قطيع ضخم من العبيد. وقد كان التمرد ظاهرة شائعة لا يكاد يكبت في مكان حتى يبدو في عدة أمكنة، ولا يخمد شهرا حتى يستعر أواره شهورا ".
ويقول المفكر المصري فهمي هويدي في مجلة " العربي " (جزء تموز 1980، الصفحة 46): " أستاذنا مالك بن نبي يعتبر معركة صفين بداية المرحلة