على المباني الصحيحة الثابتة. فللتمييز بين محاسن الأخلاق ومساوئها لا بد لنا من التعرف عليهما، لترغيب النفس على المكارم وأمرها بها، وترهيبها من الخصال الذميمة ونهيها عنها، على بينة وبصيرة من الأمر. قال مولانا الإمام علي سلام الله عليه: رأس العلم، التمييز بين الأخلاق، وإظهار محمودها، وقمع مذمومها (1).
وبعد أن قال الشيخ النراقي قدس الله سره: (لا ريب في أن التزكية موقوفة على معرفة مهلكات الصفات ومنجياتها)، أعقب قوله هذا بالقول:
(والعلم بأسبابها ومعالجاتها، وهذا هو الحكمة الحقة التي مدح الله أهلها، ولم يرخص لأحد جهلها، وهي الموجبة للحياة الحقيقية، والسعادة السرمدية، والتارك لها على شفا جرف الهلكات، وربما أحرقته نيران الشهوات) (2).
ومعرفة محاسن الأخلاق تمثلت فيما أمر الله سبحانه وتعالى به ودعا إليه، وفيما ظهر من سيرة الأنبياء والأولياء، وأشرفهم وسيدهم خاتمهم، محمد المصطفى الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، الذي مدحه الله عز وجل في قرآنه المجيد، وكفى بذلك فخرا، فقال يصفه: * (وإنك لعلى خلق عظيم) * (3).. جاء عن الإمام جعفر بن محمد (الصادق) سلام الله عليه أنه قال: كان فيما خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن قال له: يا محمد!
* (إنك لعلى خلق عظيم) *: السخاء، وحسن الخلق (4).