أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٣٠
عند سؤالها.
فلو كانت الرؤية أمرا ممكنا ولو في وقت آخر، لكان عليه سبحانه أن يتلطف عليهم بأنكم سترونه في الحياة الآخرة لا في الحياة الدنيا، ولكنا نرى أنه سبحانه يقابلهم بنزول الصاعقة فيقتلهم ثم يحييهم بدعاء موسى، كما أن موسى لما طلب الرؤية وأجيب بالمنع تاب إلى الله سبحانه وقال: أنا أول المؤمنين بأنك لا ترى.
فالإمعان بما ورد فيها من عتاب وتنديد، بل وإماتة وإنزال عذاب، يدل بوضوح على أن الرؤية فوق قابلية الإنسان، وطلبه لها أشبه بالتطلع إلى أمر محال، فعند ذلك لو قيل للمتدبر في الآيات إنه روى قيس بن أبي حازم أنه حدثه جرير وقال: خرج علينا رسول الله ليلة البدر فقال: " إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته " (1)، يجد الحديث مناقضا لما ورد في هذه الآيات ويشك أنه كيف صار الأمر الممتنع أمرا ممكنا، والإنسان غير المؤهل للرؤية مؤهلا لها.
محاولتان للتخلص من التضاد بين الآيات وخبر قيس إن هنا محاولتين للتخلص من التضاد الموجود بين الآيات، وخبر قيس بن أبي حازم الدال على وقوع الرؤية في الآخرة:
المحاولة الأولى:
إن تعارض الآيات والرواية من قبيل تعارض المطلق والمقيد، فلا مانع من الجمع بينهما بحمل الأولى على الحياة الحاضرة، والثانية على الحياة الآخرة (2).

(1) البخاري، الصحيح 4: 200.
(2) يظهر ذلك الجواب عن أكثر المتأولين لآيات النفي حيث يقدرونها بالدنيا.
(٦٣٠)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 625 626 627 628 629 630 631 632 633 634 635 ... » »»