يلاحظ عليه: بأن الجمع بين الآيات والرواية على نحو ما ذكر أشبه بمحاولة الفقيه إذا فوجئ بروايتين تكون النسبة بينهما هي العموم والخصوص المطلق، فيجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد.
ولو صح ما ذكر فإنما هو في المسائل الفرعية لا العقائدية، وليست الآيات الواردة فيها كالمطلق، والحديث كالمقيد، بل هي بصدد بيان العقيدة الإسلامية على أنه سبحانه فوق أن تناله الرؤية، وإن من تمناها فإنما يتمنى أمرا محالا.
والدافع إلى هذا الجمع إنما هو تزمتهم بالروايات وتلقيهم صحيح البخاري وغيره صحيحا على الإطلاق لا يقبل النقاش والنقد، فلم يكن لهم محيص من معاملة الروايات والآيات معاملة الإطلاق والتقييد، ولأجل ذلك فكلما تليت هذه الآيات للقائلين بالجواز يجيبون بأن الجميع يعود إلى هذه الدنيا، ولا صلة له بالآخرة، ولكنهم غافلون عن أن الآيات تهدف في تنديدها وتوبيخها إلى ملاحظة طلب نفس الرؤية بما هي هي، بغض النظر عن الدنيا والآخرة، ولا صلة لها بظرف السؤال، فحمل تلك الآيات على ظرف خاص تلاعب بالكتاب العزيز وتقديم للسنة على القرآن، واعتماد على الظن دون القطع واليقين.
وأيمن الله لو لم يكن في الصحاح حديث قيس بن أبي حازم وغيره لما كان لديهم أي وازع لتأويل الآيات.
المحاولة الثانية:
لقد تصدى أبو الحسن الأشعري للإجابة عن الآيات الأخيرة، وزعم أن الاستعظام إنما كان لطلبهم الرؤية تعنتا وعنادا، قال:
إن بني إسرائيل سألوا رؤية الله عز وجل على طريق الإنكار لنبوة موسى وترك الإيمان به حتى يروا الله لأنهم قالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة}