إن استنتاج بقاء شرعية الشرائع السماوية من هذه الآيات مبني على غض النظر عما تهدف إليه الآيات، وذلك أن الآيات بصدد رد مزاعم ثلاثة كانت اليهود تتبناها، لا بصدد بيان بقاء شرائعهم بعد بعثة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله). وهي:
1 - فكرة " الشعب المختار "!
كانت اليهود والنصارى يستولون على المسلمين بل العالم بادعائهم فكرة " الشعب المختار " بل إن كل واحدة من هاتين الطائفتين: اليهود والنصارى، كانت تدعي أنها أرقى أنواع البشر، وكانت اليهود أكثرهم تمسكا بهذا الزعم وقد نقل عنهم سبحانه قولهم:
{وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق...} (1) والله سبحانه يرد هذا الزعم بكل قوة عندما يقول:
{فلم يعذبكم بذنوبكم}، وقد بلغت أنانية اليهود واستعلاؤهم الزائف حدا بالغا وكأنهم قد أخذوا على الله عهدا بأن يستخلصهم ويختارهم، حيث قالوا: {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة} (2).
2 - الانتماء إلى اليهودية والنصرانية مفتاح الجنة!
قد كانت اليهود والنصارى تبثان وراء فكرة: " الشعب المختار "، فكرة أخرى، وهي: أن الجنة نصيب كل من ينتسب إلى بني إسرائيل أو يسمى مسيحيا ليس إلا، وكأن الأسماء والانتساب مفاتيح للجنة، قال سبحانه ناقلا عنهم: {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى} (3).