أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٠٦
للشيعة في القرن الرابع مذهب كلامي خاص بهم " (1).
إن الشيعة عن بكرة أبيهم كانوا مقتفين أثر أئمتهم، ولم يكونوا ورثة للمعتزلة ولا لغيرهم، وإنما أخذت المعتزلة أصول مذهبهم عن أئمة أهل البيت، كما هو واضح للجميع، بل والمعروف كثرة المناظرات بين الشيعة والمعتزلة منذ عصر الإمام الصادق (عليه السلام) وإلى عصر المفيد وما بعده.
نعم، ما أضعف ما ذهب إليه هذا المستشرق، وفي ذلك دلالة واضحة على سطحية الآراء التي يذهب إليها الغرباء في الحكم على عقائد المسلمين، ولسنا نلومه بقدر ما نلوم به إخواننا المسلمين ومفكريهم الذين يستندون في كثير من مذاهبهم على أقوال هؤلاء وتخرصاتهم، حتى أن الشيخ المفيد وضع كتبا في نقد المعتزلة، كما وضع قبله بعض أئمة المتكلمين من الشيعة ردودا على المعتزلة، فكيف يكون الشيعة ورثة للمعتزلة؟ نعم إن القائل خلط مسألة الاتفاق في بعض المسائل بالتبعية والاقتفاء، فالشيعة والمعتزلة تتفقان في بعض الأصول، لا أن أحدهما عيال على الآخر.
14 - قدماء الشيعة والعلوم الكونية لم يكن اتجاه الشيعة مختصا بالعلوم العقلية كالكلام والفلسفة والمنطق فحسب، بل امتد نشاطهم وحركتهم الفكرية إلى العلوم الرياضية، والكونية، فتجد هذا النشاط بارزا في مؤلفاتهم طيلة القرون الماضية، ونحن نأتي هنا بذكر موجز عن مشاهير علمائهم ومؤلفاتهم في القرون الأولى تاركين غيرهم للمعاجم:
1 - هشام بن الحكم (ت 199 ه‍)، له آراء في الأعراض كاللون والطعم

(1) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، تعريب محمد عبد الهادي أبو ريدة 1: 106، ط الثالثة.
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»