أما النقض: فبما ذكرناه في الإجابة عن السؤال الأول، فإن قصور عقولنا عن إدراك أسباب غيبته، لا يجرنا إلى إنكار المتضافرات من الروايات، فالاعتراف بقصور أفهامنا أولى من رد الروايات المتواترة، بل هو المتعين.
وأما الحل: فإن أسباب غيبته، واضحة لمن أمعن فيما ورد حولها من الروايات، فإن الإمام المهدي (عليه السلام) هو آخر الأئمة الاثني عشر الذين وعد بهم الرسول، وأناط عزة الإسلام بهم، ومن المعلوم أن الحكومات الإسلامية لم تقدرهم، بل كانت لهم بالمرصاد، تلقيهم في السجون وتريق دماءهم الطاهرة بالسيف أو السم، فلو كان ظاهرا، لأقدموا على قتله، إطفاء لنوره، فلأجل ذلك اقتضت المصلحة أن يكن مستورا عن أعين الناس، يراهم ويرونه ولكن لا يعرفونه، إلى أن تقتضي مشيئة الله سبحانه ظهوره، بعد حصول استعداد خاص في العالم لقبوله، والانضواء تحت لواء طاعته، حتى يحقق الله تعالى به ما وعد به الأمم جمعاء من توريث الأرض للمستضعفين.
وقد ورد في بعض الروايات إشارة إلى هذه النكتة، روى زرارة قال: سمعت أبا جعفر (الباقر (عليه السلام)) يقول: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، قال: قلت: ولم؟ قال: يخاف.
قال زرارة: يعني القتل.
وفي رواية أخرى: يخاف على نفسه الذبح (1).
وسيوافيك ما يفيدك عند الكلام عن علائم ظهوره.
الثالث: الإمام المهدي وطول عمره:
إن من الأسئلة المطروحة حول الإمام المهدي، طول عمره في فترة غيبته، فإنه ولد عام 255 ه، فيكون عمره إلى العصر الحاضر أكثر من ألف ومائة وخمسين