والبراءة منه، وأعطي لأصحابه قاعدة في الأحاديث التي تروي عنه، فقال:
" لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة ".
ثم إن الإمام قام بهداية الأمة إلى النهج الصواب في عصر تضاربت فيه الآراء والأفكار، واشتعلت فيه نار الحرب بين الأمويين ومعارضيهم من العباسيين، ففي تلك الظروف الصعبة والقاسية استغل الإمام الفرصة فنشر من أحاديث جده، وعلوم آبائه ما سارت به الركبان، وتربى على يديه آلاف من المحدثين والفقهاء.
ولقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات - على اختلاف آرائهم ومقالاتهم - فكانوا أربعة آلاف رجل (1). وهذه سمة امتاز بها الإمام الصادق عن غيره من الأئمة - عليه وعليهم السلام -.
إن الإمام (عليه السلام) شرع بالرواية عن جده وآبائه عندما اندفع المسلمون إلى تدوين أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الغفلة التي استمرت إلى عام 143 ه (2) حيث اختلط آنذاك الحديث الصحيح بالضعيف وتسربت إلى السنة، العديد من الروايات الإسرائيلية والموضوعة من قبل أعداء الإسلام من الصليبيين والمجوس، بالإضافة إلى المختلقات والمجعولات على يد علماء السلطة ومرتزقة البلاط الأموي.
ومن هنا فقد وجد الإمام (عليه السلام) أن أمر السنة النبوية قد بدأ يأخذ اتجاهات خطيرة وانحرافات واضحة، فعمد (عليه السلام) للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، وتفنيد الآراء الدخيلة على الإسلام والتي تسرب الكثير منها نتيجة الاحتكاك الفكري والعقائدي بين المسلمين وغيرهم.
إن تلك الفترة كونت تحديا خطيرا لوجود السنة النبوية، وخلطا فاضحا في