أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٢١
فهاهم المؤرخون يقولون: كان علي يرافق النبي دائما ولا يفارقه أبدا، حتى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا خرج إلى الصحراء أو الجبل أخذ عليا معه (1).
يقول ابن أبي الحديد: وقد ذكر علي (عليه السلام) هذا الأمر في الخطبة القاصعة إذ قال:
" ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري " (2).
إن هذه العبارة وإن كانت محتملة في مرافقته للنبي في حراء بعد البعثة الشريفة إلا أن القرائن السابقة وكون مجاورة النبي بحراء كانت في الأغلب قبل البعثة، تؤيد أن هذه الجملة، يمكن أن تكون إشارة إلى صحبة علي للنبي في حراء قبل البعثة.
إن طهارة النفسية العلوية، ونقاوة الروح التي كان علي (عليه السلام) يتحلى بها، والتربية المستمرة التي كان يحظى بها في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كل ذلك كان سببا في أن يتصف علي (عليه السلام) - ومنذ نعومة أظفاره - ببصيرة نفاذة وقلب مستنير، وأذن سميعة واعية تمكنه من أن يرى أشياء ويسمع أمواجا تخفى على الناس العاديين، ويتعذر عليهم سماعها ورؤيتها، كما يصرح نفسه بذلك إذ يقول:
" أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة " (3).
يقول الإمام الصادق (عليه السلام):
" كان علي (عليه السلام) يرى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل الرسالة الضوء، ويسمع الصوت ".
وقد قال له النبي (صلى الله عليه وآله): لولا أني خاتم الأنبياء لكنت شريكا في النبوة، فإن لا تكن نبيا فإنك وصي نبي ووارثه، بل أنت سيد الأوصياء وإمام الأتقياء " (4).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): " لقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله)

(١) ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة ١٣: ٢٠٨.
(٢) نهج البلاغة: الخطبة القاصعة الرقم ١٨٧.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة ١٣: ٣١٠.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»