أخرجه البغوي في " معالم التنزيل " (4 / 316) أخبرنا عبد الواحد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل: ثنا أبو اليمان، أنا شعيب، عن الزهري، أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النضري، أن عمر بن الخطاب دعاه إذ جاءه حاجبه يرفأ فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن و الزبير وسعد يستأذنون؟ قال: نعم. فأدخلهم فلبث يرفأ قليلا ثم جاء فقال: هل لك في عباس وعلي يستأذنان؟
قال: نعم. فلما دخلا قال عباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني و بين هذا وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله من بني النضير فقال الرهط: يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر قال: اتئدوا أنشدكم بالله الذي تقوم السماء والأرض أن رسول الله قال: " لا نورث ما تركنا صدقة " يريد رسول الله نفسه قالوا: قد قال ذلك، فأقبل عمر على علي وعباس فقال: أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله قال ذلك؟ قال: نعم. قال: فإني أحدثكم عن هذا الأمر إن الله كان خص رسول الله في هذا الفئ بشئ لم يعطه أحدا غيره فقال: " وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب " إلى قوله " قدير " وكانت هذه خالصة لرسول الله ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله، فعمل بذلك رسول الله حياته، ثم توفي النبي فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله فقبضها أبو بكر فعمل بها بما عمل به فيها رسول الله وأنتما حينئذ جميع، وأقبل على علي وعباس:
" تذكران أن أبا بكر فعل فيه كما تقولان " والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق، ثم توفي الله أبا بكر فقلت: أنا ولي رسول الله وأبي بكر فقبضتها سنتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر، والله يعلم أني فيه صادق بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني كلامكما وكلمتكما واحدة وأمركما جميع فقلت لكما: إن رسول الله قال:
" لا نورث ما تركنا صدقة " فلما بدا لي أن أدفعه إليكما، قلت: إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل به رسول الله وأبو بكر وبما عملت به فيها منذ وليتها، وإلا فلا تكلماني فيها، فقلتما أدفعها إلينا بذلك فدفعتها إليكما أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك.
فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فإني أكفيكماها "