رسالتان في البداء - البلاغي ، الخوئي - الصفحة ٢٤
بالبداء ما هو إلا لأنه يرجع إلى الاعتراف بحقيقة الإلهية، وأن الموجد للعالم إنما هو إله موجد بالإرادة والقدرة على مقتضى الحكمة، متصرف بقدرته بما يتراءى من العلل وتعليلاتها التي هي من صنعه وإيجاده، والخاضعة لتصرف مشيئته فيها، لا أن وجود العالم منوط بالتعليلات الطبيعية ومحض اقتضاء الطبيعة العمياء فاقدة الشعور والإرادة، تعالى الله عما يقولون.
وعلى ذلك تجري صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام:
" ما بعث الله نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال: الإقرار [له] (19) بالعبودية، وخلع الأنداد، وأن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء " (20).
فالبداء، وأن الله يمحو ما يشاء ويثبت ، وعنده أم الكتاب، يكون الاعتراف بحقيقتها المعقولة ومدلول الأحاديث، هو الفارق بين الإلهية والطبيعية، وهو الفارق بين الاعتراف بحقيقة الإلهية وبين المزاعم المستحيلة في مسألة العقول العشرة المبنية على التقليد الأعمى للفلسفة اليونانية ومزاعم أوهامها، مع الخبط في أمر الإيجاد بالإرادة والتعليل الطبيعي.
ثم إن مقتضى دلالة العقل والنقل هو أن البداء والمحو لا يقعان فيما أخبر الله به أنبياءه وأوصياءهم، وأخبروا به عنه جل

١٩ - أثبتناه من المصدر.
(٢٠) الكافي ١ / 114 ح 3.
(٢٤)
مفاتيح البحث: محمد بن مسلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 31 ... » »»