رسالتان في البداء - البلاغي ، الخوئي - الصفحة ٢١
أقول:
وإن قوله تعالى: " يمحو الله ما يشاء و يثبت وعنده أم الكتاب " (10) ينادي بأن مقام المحو والإثبات هو غير مقام أم الكتاب، وعلم الله المكنون، ومشيئته وإرادته الأزلية.
بل هو في مقام الظاهر في سير الأسباب و تسبيباتها.
فقد تقتضي مشيئته - جل اسمه - أن يمنع أسباب البقاء وطول العمر عن الزاني وقاطع الرحم، وقد يمنع الأسباب المهلكة عن واصل الرحم والمتصدق والداعي مثلا، فيمحو في هذه الموارد ما جعله لنوع الأسباب من التسبيب، و قد لا يمحوه في بعض الموارد لحكمة أخرى، فيكون قد أثبته، أي أبقاه ثابتا.
وقد يراد من قوله تعالى: " يثبت " أنه يثبت حين المحو خلاف المحو، والله العالم.
قد كان الناس يحسبون أن إسماعيل بن الصادق عليه السلام هو الإمام بعد أبيه، لما عملوه من أن الإمامة للولد الأكبر ما لم يكن ذا عاهة، ولأن الغالب في الحياة الدنيا وأسباب البقاء أن يبقى إسماعيل بعد أبيه عليه السلام ، فبدا وظهر بموت إسماعيل أن الإمام هو الكاظم عليه السلام، لأن عبد الله كان ذا عاهة، فظهر لله (11) وبدا للناس ما هو في علمه المكنون.

١٠ - سورة الرعد ٣٩: 13.
(11) أي: من الله.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»