قال الراوي: فبكى علي (عليه السلام) بكاء شديدا حتى بل لحيته بالدموع ثم انحدر عن المنبر وقد أشرفت الناس على الهلاك من هول ما سمعوه.
قال الراوي: فتفرقت إلى منازلهم وبلدانهم وأوطانهم وهم متعجبون من كثرة فهمه وغزارة علمه وقد اختلفوا في معناه اختلافا عظيما. وهذا ما انتهى إلينا من خطبة البيان والحمد لله رب العالمين (1).
النسخة الثانية من خطبة البيان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بديع السماوات وفاطرها وساطح المدحيات وقادرها وموطد (2) الجبال وثاغرها ومفجر العيون وباقرها ومرسل الرياح وزاجرها وناهي القواصف وآمرها ومزين السماء وزاهرها ومدبر الأفلاك ومسيرها ومقسم المنازل ومقدرها ومولج الحنادس ومنورها ومحدث الأجسام ومقررها وباري النسم ومصورها ومنشئ السحاب ومسخرها ومكور الدهور ومكررها ومورد الأمور ومصدرها وضامن الأرزاق ومدبرها ومنشئ الرفاة ومنشرها. أحمده على آلائه وتوافرها وأشكره على نعمائه وتواترها وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تؤدي إلى الإسلام ذاكرها ويؤمن من العذاب ذاخرها وأشهد أن محمدا عبده الخاتم لما سبق من الرسالة وفاخرها ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها صلى الله عليه وآله أرسله إلى أمة قد شغل (3) بعبادة الأوثان سايرها (4) واعلنكس (5) بضلالة دعاة الصلبان ظاهرها وتفحم لحج في الجهالة سايرها وفجر بعمل الشبهات فاجرها وأن بعيان ذل الخسران متجر تاجرها وهدر عن لسان الشيطان بقبول نقم طائرها والتثم آكام (6) لجام الأحجام بزخرف الشقايق مكرما كرها فأبلغ (صلى الله عليه وآله وسلم) في النصيحة وافرها وأغاص بحار الضلالة وغامرها وأنار من منار أعلام الهداية دوائرها (ومنابرها) ومحا بمعجزات القرآن دعوة الشيطان ومكاثرها وأرغم معاطس غواة العرب وكافرها حتى أصبحت دعوته بالحق ينطق ناصرها والشريعة